الاثنين، 21 مايو 2012

إجازة صيفية .. غير عادية ..






ولد رجل عادي* وفي ظروف عادية ودرس في مدارس عادية
ونجح وتخرج بمعدل عادي وتوظف السيد عادي في وظيفة عادية
وتزوج من امرأة عادية وأنجب منها أبناء عاديين
وعاش حياة عادية وأخيرا مات موتة عادية .

حياة يعيشها كثير من الناس في حين نعيش في مجتمع إسلامي
يجب أن يكون غير عادي لأنه مكلف بمهمة غير عادية
وهي عبادة الله على بصيرة بل مطالب بان يكون من الخيرية
التي قال عنها تعالى
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )
ومن الأمة التي هي شهيدة على كل الأمم
(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس)

ومن هذا المنطلق يبين المنهج الاسلامي أهمية استغلال  الوقت والطاقات 
والإمكانات للقيام بهذه المهمة ففي استغلال الطاقات
( خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا مافيه لعلكم تتقون)
والدعوة إلى نبذ العجز قال صلى الله عليه وسلم
 { اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل}


وفي ذلك انشد أبو تمام رحمة الله

            ولم أر في عيوب الناس عيبا              
كـــنقص القادرين على التمام

 وفي استغلال الوقت يقسم الله جل جلاله بالوقت في أكثر من موضع
ليلفت انتباه الأمة لأهميته
(والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
(والشمس وضحاها والقمراذا تلاها)
( والضحى والليل إذا سجى)
يصف ابن عقيل الحنبلي استثماره لوقته
{إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري،
حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة،
وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح)

وبما أننا على أعتاب الإجازة الصيفية
أحببت أن أضع بين أيديكم بعض الأسباب المعينة
على استثمارها ولتكون إجازة غير عادية:
أولا : تقوى الله
فمن يتقي الله يرزقه البركة في العمر ويسدد خطاه
 (ياأيها الذين آمنوا إن  تتقوا الله يجعل لكم فرقانا )
 (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا
يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم
ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
وتقوى الله تعني عمل الصالحات واجتناب المنكرات
وعمارة الأوقات بما هو نافع ومفيد
{ فالنفس كما قال ابن القيم إن لم تنشغل بالطاعة شغلت بالمعصية ولا بدا}
 

 ثانيا: تفهم الهدف
تفهم الهد ف ووضوحه في ذهنك
أما الهدف فتبينه الآية القرآنية
(وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون)
و ينكر الله تعالى أن يكون خلقنا عبثا بلا هدف
(افحسبتم إنما خلقناكم عبثا وأنكم ألينا لا ترجعون)
فكيف لمن عرف حقيقة الحياة وأنها فانية
وان ساعاته محدودة معدودة أن يضيع وقته
ولا يستثمره، كم نسعى لاستثمار الأموال وهي لن تكون معنا
إذا رحلنا من الدنيا فما بال الأوقات تضيع هدرا وهي المحاسب عليها!؟
لقد ذم الله تعالى قوم عاد اللذين كانوا يبنون المباني للتفاخر بها
(أتبنون بكل ريع آية تعبثون)
ليلفت انتباه الأمة للأهداف السامية التي من اجلها تبذل الطاقات
والأوقات والأموال ونبذ ما سواها
فلنضع في الاجازة أهدافا عالية ولنخطط لتحقيقها

تزود من حياتك للمعاد           وقم لله واجمع خير زاد
ولا تركن الى الدنيا كثيرا        فأن المال يجمع للنفاد
أترضى أن تكون رفيق قوم     لهم زاد وأنت بغير زاد

ثالثا: معرفة النفس البشرية
في النفس البشرية ميل غريزي للكسل والدعة والراحة
والفوضى والهروب من الواجبات والابتعاد عن الأعمال الجادة
فلابد من ترويضها على الجد والتنظيم والقوة والمبادرة لتنطلق بالمهمة العالية
قالوا السعادة  في السكون..وفي الخمول وفي الخمود
قلت: الحياة هي التحرك...لا السكون ولا الهمود

رابعا: التفوق
يجب أن تكون هناك رغبة ملحة في التميز بالخيرية
 التفوق بالعطاء والبذل والإنتاجية
 التفوق في المحافظة على الأوقات والدقة في العمل
التفوق في العلاقة الايجابية مع الآخرين
التفوق في سعة الاطلاع
التفوق لتكون شخصا غير عادي إذا غاب افتقد وان حضر شع أثره على الآخرين

خامسا : تعلم مهارة
جدد في حياتك واستعد لتتعلم مهارة جديدة تنفعك وتنفع من حولك
ولتكن مهارات متنوعة منها ماهو تطوير للذات  كمهارة الإلقاء ،
الإنصات وفنون التعامل ومنها في العمل كالتخطيط وفن الاتصال
ومنها ماهو حرفي كالمهارات اليدوية واستغلال المواهب
كالرسم والحاسب بل إن بعضها يرجع نفعه حتى من
الناحية المادية وتعينه على مواجهة الحياة

سادسا :الاختلاط بالناس
مخالطة الناس بخلق حسن  والانتفاع منهم والنفع لهم
خصوصا أصحاب الهمم العالية وأهل السيرة الحسنة
وان كنت أنت من أصحاب الأخلاق الحسنة والهمم العالية
 اقتد بك الآخرون فزادت بركة عمرك ونفع الله بك

 سابعا: الدعاء
وإنما تركته آخر الأسباب لان العبد
عاجز إن لم يوفقه الله
ذليل إن لم يعزه الله
 أعمى إن لم يبصره الله
جاهل إن لم يعلمه الله
 فقير إن لم يغنه الله
الدعاء دأب الأنبياء والصالحين قال صلى الله عليه وسلم للصحابية
 { ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت
وإذا أمسيت ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله
ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا )
كم نريد تحقيق أمور ولا نوفق لها
كم نطرق بابا فيوصد أمامنا
 كم نسعى إلى عمل ولا نمكن منه
 السنا بحاجة إلى توفيق الله وهدايته  ؟
 فالله الله بالدعاء والاستعانة بالله ليبارك في الأعمال والأعمار


أخيرا
كانت هذه الكلمات محاولة لإيقاد الهمم
والانتفاع بالأوقات وخصوصا الإجازات
وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال
أن لا نروح عن النفوس بل إن ذلك قد يكون مطلب
حتى لا تسأم النفوس وتمل بل ربما كان الترويح
لشحذ الهمة والانطلاق من جديد
ولكن الترويح بما هو مباح شرعا

وفقنا الله وإياكم للعمل الصالح
وجعلنا كالأرض الطيبة لا تقبل إلا طيبا ولاتعطي إلا طيبا


كتبته / مديرة القسم الابتدائي
ندى بنت عبد الله الزيد








هناك تعليق واحد:

  1. كلام رائع مديرتناالغاليه
    ليس غريب كعادتك
    مديرتنا ندعولكي دوما
    مكسب للارقم
    ومكسب لنا نحن معلمات الابتدائي

    ردحذف